Blogger templates

22 أكتوبر 2017

مشاركتي وزوجتي في احتفال البهائين بعيد المولدين

عبدالرزاق العزعزي:


احتفل البهائيون في الكويت بمناسبة مرور 200 عام على مولد "رسول السلام والإنسانية" حضرة بهاء الله، كانت فعاليتهم تنبض بالروحانية والجمال اللفظي، كُتل من المحبة ألقاها مُقدمي الكلمات على الحاضرين، استعرضوا مُعاناة رسول البهائية وقدموها بأصوات نقية وخلفية موسيقية شجية، وأضواء خافتة جعلت الروح تتجلى وتشعر بالسعادة:

"ما يزال هُناك بشرًا تلمؤهم المحبة ويتدفّق منهم الجمال الروحي والتماسك البشري واللا تعقيد في الحياة".

كُنت حاضرًا هُناك بجسدي، وكانت روحي تُعانق المُعتقلين البهائيين في اليمن، وأتساءل: "أتباع هذا الدين.. لماذا يتم اعتقالهم، كُل هذا الجمال لماذا يحاولون القضاء عليه، هؤلاء المُنتمين للوحدة البشرية واللا مؤمنين بالفوراق المجتمعية، لماذا يتم التنكيل بهم؟".

لقد راودني هذا السؤال منذ بداية حملة الاعتقالات التعسفية على البهائيين لاسيما في اليمن بعد أن نظموا اجتماعاتهم في العلن، وكيف لجهاز الأمن القومي أن يتحوّل باتجاه مُعتنقي الديانات بدلًا من الحفاظ على أمن البلد، وهل البهائيون يُشكلّون خطرًا على اليمن حتى يتدخل الأمن القومي (بكله) ويقوم بمهمة الاعتقالات الجماعية للبهائيين.

لا شك أن سؤالًا مثل هذا قد راود الكثير، والتحليلات تم وضعها سواء بشكل علني جمعي أو في المجالس الداخلية.

لقد ظللتُ مُتابعًا لما يحدث لهم دون أن يكون لي عملًا صحفيًا بحقهم كأقلية دينية يُمارس بحقها انتهاك في اعتناق الفكر، لم أعمل حتى على كتابة منشورًا فيسبوكيًا وذلك لغموض تعامل سُلطات صنعاء مع البهائيين، ولكن من خلال المُتابعة اتضح لي أمرًا مُهمًا للغاية، وهو التفسير الوحيد الذي يُجيب على تساؤلي المُستمر: "لماذا البهائيين مُلاحقين من الأمن القومي وليس من قوّات الأمن؟".

لمعرفة السبب، علينا العودة إلى الوراء والبحث عن بدايات ظهور الدين البهائي، لقد ظهرت البهائية كديانة في إيران، وتحديدًا في العام 1844 قام "علي محمد رضا المُلقّب ب الباب" ببداية التبشير لموعد قدوم شخص سيكون النور لهذا العالم، وكان "حسين علي نوري المُلقب ب حضرة بهاء الله" هو الشخص الذي تم التبشير به، لكن لسوء الحظ كانت فترة ظهور الديانة في وقت مشهود له بالديكتاتورية والقمع للحركات الدينية بعد أن تم الانقلاب على نظام الحُكم من قبل عسكريين، قادهُ "رضا شاه بهلوي مؤسس الدولة البهلوية - إيران الحالية" وعلى الرغم من المكانة التي يتمتع بها بهاء الله وانتسابه لأسرة ترتبط بالعمل السياسي ونظام الحُكم إلا أنه تعرّض لعديد من المُضايقات والسجن لاسيما بعد إعلان استقلال البهائية عن الدين الإسلامي واعتبارها دينًا مُستقلًا بذاته.

تعاملت حكومة إيران مع بهاء الله بكل قسوة على الرغم من أنه كان يعمل من أجل نشر تعاليم المحبة والتسامح والوحدة الإنسانية والقبول بالآخر كيفما كان، ومازالت حتى اليوم تفعل ذلك، تُقدم على عملية اعتقالات مُتكرّرة بحق مُعتنقي البهائية، ومنذ 2013 بالتحديد أقدمت على تكثيف حملات التحريض والكراهية بحق البهائيين بشكل أكثر عُنفًا، فقد أقدمت على "نشر أكثر من 20 ألف قطعة من الدعاية المُناهضة للبهائيين في وسائل الإعلام الإيرانية" بحسب ما جاء بتقرير في صحيفة (إيه بي سي نيوز) التي أضافت: "في ذات العام أصدر الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي فتوى يدعو فيها الإيرانيين إلى تجنّب جميع التعاملات مع البهائيين".

لكن ما هي العلاقة بين تعامل إيران وبين إقدام الأمن القومي على اعتقال ومُلاحقة البهائيين في اليمن؟


أولًا يجب علينا معرفة أن مهام جهاز الأمن القومي لا تتمثل في ملاحقة مُعتنقي الديانات أو من قاموا بتحويل دينهم، وثانيًا يجب علينا معرفة أن حكومة إيران تتهم البهائيين بكونهم جواسيس لإسرائيل، وعندما يتم الربط بين هاتين النُقطتين: نعرف سبب اعتقال ومُلاحقة واخفاء البهائيين في اليمن: "الأمر مُتصل بكيفية تعامل الحكومة الإيرانية ومدى انقياد أمننا القومي خلف رغبات الخارج".

منذ قراءتي لاتهامات الحكومة الإيرانية وجدت أن الأمر مُثيرًا للسخرية: "كيف يتهمون إسرائيل بأنها تعمل على تفرقة المجتمعات الإسلامية، وفي ذات الوقت يتهمون البهائيون بأنهم جواسيس لاسرائيل والجميع يعرف بأن البهائيين إضافة إلى تسامحهم المُفرط فهم يعتمدون على نشر وغرس مفاهيم إنسانية تتمثل في أهمية ووجوب الوحدة الإنسانية والوحدة في التنوع إلى جانب وحدانية الله.

ينظُر البهائيون إلى أن حضرة بهاء الله هو "المُنقذ" الذي ينتظره المسيحيون لينقذهم من المُتسببين بعذابات الدنيا وظلم الجائرين، وينظرون إليه بكونه الرجل الذي ينتظره المُسلمين السُنة "اسمه من اسمي، يملأ الأرض عدلًا كما مُلئت ظُلمًا" اقتباس من حديث نبوي، ومن المهم معرفة أنهم ينظرون إليه بكونه "المهدي المنتظر" الذي ينتظره شيعة المُسلمين، وأرى أن هذا الأمر هو أحد أهم دوافع التنكيل بالبهائيين من قبل المسلمين الشيعة".

نعرف أن القانون اليمني ينتهك حقوق الإنسان من حيث أنه يمنع تحوّل اليمنيين من الإسلام إلى أي ديانة أخرى، ويمكن أن يتم معاقبة الشخص بالقتل لاتهامه ب"الردّة" ولكن تعودنا في السابق أن الأمن العام هو المُختص بالملاحقة وليس الأمن القومي، فلماذا يعمل الأمن القومي على اقحام نفسه بمثل هذه المسائل، من يُدير هذا الجهاز بالضبط، وهل تم اختراق الجهاز من قبل الحوثيين كما تم من قبل اختراق جهاز الأمن السياسي من قبل الإصلاحيين - جناح الإخوان المسلمين في اليمن؟

تعرّض البهائيين للاعتقالات هو أمر مٌخزي في الحقيقة، فكيف يتم ملاحقة الداعين للمحبة والتعايش وقبول الآخر والوحدة البشرية وايداعهم في المعتقلات، بينما المُحرضين على الكراهية والطائفية ومُرتكبي الجرائم وأصحاب العنف اللفظي والجسدي يتجولون بحرية وينشرون تحريضهم على وسائل الإعلام المُختلفة؟.

من حق اليمنيين أن يعتنقوا الدين الذي يرغبون به، كما من حقهم ألا يعتنقوا أي دين، ليس لأي جهة الحق بإرغام الآخرين بأن يعتنقوا ديانة مُحدّدة، ومن حق البهائيين أن يُمارسوا عبادتهم التي هي أصلًا تعتمد اعتمادًا تامًا على معرفة ومحبة الله من خلال الصلاة وخدمة الآخرين والتأمل في المخلوقات، وليس من حق الأمن القومي مُلاحقتهم، ويجب عليه أن يقوم بالإفراج عمّن قام باعتقالهم بشكل فوري وعاجل.

المحبة والحُريّة للبهائيين المعتقلين في اليمن، والتهاني والتبريكات لكل البهائيين بعيدهم المئوي الثاني، والتسامح والسلام يغشى اليمن واليمنيين، ونسأل الله أن نبقى جميعًا يدًا واحدة في مواجهة قوى الشر والظلام التي تسعى دومًا لتمزيقنا وتفريقنا حتى تتمكن من السيطرة والتحكّم بنا بسهولة.

"كُلّكم أثمار شجرة واحدة، وأوراق غَصن واحد" بهاء الله
..
#نشتي_نتسامح على الأقل في 16 نوفمبر - ذكرى #اليوم_العالمي_للتسامح
#نشتي_نعيش "ليكن رأيك مُفعمًا بالمحبة حتى نحصر الكراهية في زواية ضيّقة"

..

أثناء كتابة هذا المقال وصلتني رسالة مفادها: "أيها الأحرار، الأمن القومي يعتقل اليوم اكرم صالح عياش تحت تهديد السلاح، بعد أن اقتحمت أربع سيارات مُصفّحة منزل الشيخ وليد عياش - المُعتقل في الأمن القومي منذ إبريل الماضي.

عن المدون عبدالرزاق العزعزي

صحفي من اليمن، مهتم بالقضايا المجتمعية
»
السابق
رسالة أقدم
«
التالي
رسالة أحدث

2 التعليقات :

  1. ساعدنا في جعل المزيد من عمليات الزرع ممكنة!
    نحن في حاجة ماسة إلى متبرعين بالكلى في (LS Foundation Center) لمساعدة المرضى الذين يواجهون مشاكل غسيل الكلى مدى الحياة إلا إذا خضعوا لعملية زرع كلى. هنا نقدم مكافأة مالية للمانحين المهتمين. يرجى التكرم بالاتصال بنا على: kidneyliverin@gmail.com

    ردحذف
  2. Help us make more transplants possible!
    We are urgently in need of kidney donors in "Healthcare center" to help patients who face life time dialysis problem unless they under go Kidney Transplant. Here we offer financial rewards to interested donors. For more details contact us via Email: kidneylivertc@gmail.com

    ردحذف