Blogger templates

19 يناير 2009


لقطة من المسرحية - صورة خاصة
"معاك نازل" أو "على جمب" المعنى واحد هنا، ولكن يختلف ساكنو صنعاء عن ساكني عدن بلفظهم هذا؛ ففي صنعاء عندما يريد أحدنا النزول من الباص يقول بصوت عالٍ "على جمب" أما في عدن فنقول "معاك نازل".

احتفالان

البيت الألماني بصنعاء وعدن والسفارة الألمانية كانتا الشريكتان الرئيستان في دعم المسرحية بالإضافة إلى معهد جوته في القاهرة ووزارة الثقافة والمركز الثقافي اليمني بصنعاء، وكان عرض المسرحية بمناسبة الاحتفال بمرور 40 عاماً على إعادة العلاقات الدبلوماسية بين اليمن وألمانيا، وأيضاً ضمن فعاليات الأسابيع الثقافية اليمنية الألمانية 2009م، وبهذه المناسبة تم استعداء "خليج عدن" وسؤالهم إذا ما تم تحويل المسرحية الألمانية إلى مسرحية يمنية؛ فأجاب "عمرو" دون تردد أنها مناسبة للبيئة اليمنية مع مراعاة بعض التعديلات التي تتناسب والمجتمع اليمني.. وهنا يحتفل "عمرو" بهذا الحظ الذي حالفه وفرقته.

"عمرو" يقول أنه حينما شاهد المسرحية وقع في غرامها وتملكه إحساس قوي بأنه لابد أن تكون هذه المسرحية هي عمله القادم، فدخل في تحدٍ ونص المسرحية؛ وتأكد بأن عبقرية النص المسرحي الألماني الرائد في فنون المسرح جعلت من مسرحية "خط رقم1" نصاً عالمياً بكل المقاييس؛ فقد كُتب ليناسب كل بلدان العالم، فأحداثه يمكن أن تدور في برلين، عدن، مومباي، أمريكا وكل مكان.

"عمرو" يقول أن أكبر دليل على كلامه أنه تم استنساخ المسرحية من قبل بلدان عديدة!!

غرام عمرو

عمرو جمال "مخرج المسرحية" عندما وقع في غرام المسرحية الألمانية "خط رقم1" حولها إلى واقع يمني نعيشه مراراً.. فبين انشغالات الناس بأمورهم الخاصة وغلاء الأسعار وزحمة المواصلات وحفر الشوارع الكثيرة والمشاكل الأسرية والمجتمعية؛ هنا يأتي المتألق عمرو ليضع كل هذا في مسرحية واحدة من ساعتين.

"لم تكن المسرحية من الكلاسيكيات بل مسرح ذا صلة وثيقة بالشارع.. بالناس الذين هم مثلك ومثلي" بهذا يصف المسرحية "السيد غيدو تسيبيش" المدير الفخري للبيت الألماني بصنعاء، ويضيف وهو ما حدد توجه الأحداث وحده؛ لأنه يقدم نوعاً من التغيير أمام ضغط التوقعات من العمل الثقافي في المجال الدولي أي عدم المداومة على عرض صورة منسوخة من الثقافة الخاصة أو الثقافة الأخرى المعنية، لذا فإن تقديم مسرحية خاصة من اليمنيين تحوي ممثلين يمنيين يعد منحنى جديد.

يضيف "السيد غيدو" من الجيد جداً العمل مع فرقة جيدة كفرقة خليج عدن الشبابية المتميزة والمستقلة.. وهي تختلف عن غيرها بأنها تعتمد في عملها على وجوه شابة، وأنا متحمس منذ البداية مع الفرقة لاسيما أنها كانت تتطور في أدائها أثناء البروفات، وهذا الذي جعلها تتميز.

الفنانة منى علي
تحدٍ صارخ

عُرضت المسرحية "خط رقم1" حتى الآن في بلدان عديدة وحالياً اليمن على يد "خليج عدن" التي لم تترجم العمل فحسب بل تبنته لتعلمه أسلوب الحياة اليمني.. والمسرحية قُدمت على أكبر مسارح العالم وقامت بأدائها أشهر الفرق المسرحية وحولت أيضاً إلى فلم سينمائي شهير.

المسرحية بفصولها تتخطى مفهوم الترفيه والتسلية؛ هي ما يمكن أن نسميها الوسيلة للوصول نحو الغاية؛ نحو الناس أيضاً الذين يضحكون ويبكون دونما معرفة بتفاصيل الأحداث الخفية.. إذ تعمل "معاك نازل" على توجيه تلك الرسائل التي لم نعد نسمعها في المسرح.

تتحدى المسرحية كل عادات المجتمع وتقاليده لتظهر بقوة ناقمة من كل شيء بطريقة تشعرك بالضحك كثيراً، وأحايين كثيرة بالبكاء حزناً على حال مجتمعك!.

تصرخ المسرحية من الكلاسيكية والتحضر.. تدعو لمزج الأصالة بالعراقة.. تُخرج الناس من عالمهم القروي الصغير إلى عالم كبير مليء بالهموم والمشاكل - ولو في نطاق محصور!!.

تقول المسرحية مراراً: الحياة عبارة عن محطات كثيرة، والشاطر هو اللي يقول معاك نازل عند المحطة الصح".
الفنان رائد طه

الشاب "رائد طه" يقول أن "معاك نازل" ناقشت كل القضايا التي يعيشها المجتمع اليمني.. ويضيف: حاولنا طرح كل القضايا الموجود والمهمة التي تمس جميع الأفراد، وأتمنى من الجهات ذات المسئولية أن تهتم بهذه القضايا..

رائد يمضي في كلامه: "معاك نازل" ناقشت المشاكل الاجتماعية التي تخص الأسر في المجتمع اليمني كاملاً وأتوقع لها الشهرة الكثيرة أكثر من غيرها من المسرحيات التي قدمناها في السابق.

عرض درامي:

تبدأ المسرحية بأغنية استعراضية "صباح الخير يا عدن" يشارك بها الممثلين كلهم.. فيأتي المشهد الآخر حاملاً معه فتاة "سعاد ناصر" التي تعلق في إحدى محطات الباصات "العدنية" دون أن يلتفت إليها أحد غير شخص ما يزال عالق في حب فتاة تزوجت غيره؛ لفقره المدقع، وغصباً عنها أيضاً!!.

"سعاد" خاضت في هذه المسرحية مغامرة كبيرة؛ فكانت المحور الرئيس للمسرحية رغم ظهورها الأول؛ وعن هذا تقول أنها أتقنت دورها دون أن تتوقع هذا النجاح.. وقالت أن شعورها "يجنن مش قادرة على الكلام من كثرة الفرحة".. عمرو يقول أنه كان محتاج لفتاة بعمر صغير وهذا ما جعله يختار "سعاد" مع إدراكه بحجم المغامرة، ولكنه قرر المواصلة ليرى من ينتصر أخيراً.. وباعتقادي الشخصي أن الانتصار كان "لسعاد" التي فعلاً قدمت عرضاً مبهراً للغاية كسرت من خلاله كل القيود المجتمعية وقدمت نفسها على أنها فتاة تزوجت خليجياً زواجاً سياحياً، وذهبت إلى عدن تبحث عنه بعد أن تركها قبل عامين في فندق لم يدفع أجرته بعد؛ ناهيك عن سرقته لكل ما تملك.. نعم كل ما تملك..

تصادف "سعاد" مجموعات مختلفة من الناس تمثل شرائح مختلفة من المجتمع اليمني؛ فتصطدم بواقعهم ومشاكلهم الاجتماعية المختلفة.. فتخرج من هذه المصادفة وقد اكتشفت عالماً أكبر من عالمها وقريتها الصغيرة.. يركض خلفها عديد من الناس "متسولون، هاربون من المدارس، مطرودون من بيتهم وعاشقون" لتقع في نهاية السيناريو بحب شخص أنقذها من براثن زوجها الخليجي وطلقها منه ليعيشا معاً مع ابنها من زوجها الأول.

الفتيات فقط ضحايا

الواقع اليمني يقول – والمسرحية أيضاً – أن طمع الأهل هو الذي يقودهم إلى تزويج بناتهم وهن في عمر الزهر.. وهذا ما حدث مع "سعاد" فقد زوجها والدها وهي في عمر 15 عاماً لتنجب ولداً ويصبح عالة على أهلها لعدم انتسابه لأبيه في شهادة الميلاد؛ كون أباه فر من الفندق – كما أسلفنا – بعد سرقة أوراق الزواج الشرعية!

تقول المسرحية – أيضاً –  أن الفتاة عندما يصل بها الحال إلى ما وصلت إليه "سعاد" أو إلى ما وصلت إليه "غيداء جمال" التي طردت من بيتها الذي رعاها حتى وفاة والدتها وتزوج والدها؛ إذا وصلت إي فتاة إلى تلك الحالتين فإنه من السهل استدراجها لتصبح "باغية" من قبل "قوادون" ينتشرون في البلاد – كغيرها من البلدان – باحثون عن فتيات لا مأوى لهن ولا أحد سيسأل عنهن.

لهجة المسرحية
الفنانة غيداء جمال

تقول "سعاد" التي أتقنت الدور بكفاءة: هو أول عمل أقوم بعمله.. عمرو جمال وكلني بأخذ هذا الدور المختلف عن بقية الأدوار.. لم تخفي "سعاد" مخاوفها فقالت: الشيء الوحيد الذي أتعبني في أداء العمل هو عدم اتقاني اللهجة الشمالية بالشكل المطلوب.. ولم يكن المطلوب مني أن أتحدث أياً من اللهجات الخاصة.. كان المطلوب أن تكون لهجتي من المدن شمالية فحسب.. وهذا ما زاد من صعوبة الأمر.. غيرت من لهجتي مع أن لهجتي العدنية كانت تظهر في بعض الأوقات.

الفنانة الشابة "منى علي" تقول عن لهجة بطلة المسرحية "سعاد" لم نكن نريد تحديد لهجة البطلة ليكون الأمر مبهما على الكل ولا يعرف أحداً المنطقة التي أتت منها؛ فكانت لهجتها خليطاً من التعزية والصنعانية والعدنية أيضاً.

بالمقابل أدت "منى علي" ثلاث لهجات مختلفة "صنعانية، عدنية، وتهامية".. وعن هذا تقول: كان الشيء الوحيد الذي يقلقني هو تأديتي للهجة العدنية؛ فاللهجة الصنعانية لهجتي الرئيسة، والتهامية أجيدها لكوني عشت هناك فترة من عمري، أما اللهجة العدنية فكنت حقاً متخوفة من عدم اتقاني لها؛ لصعوبتها قليلاً.

تعدد شخصيات ووجوه جديدة

14 ممثلاً صعدوا على خشبة المركز الثقافي اليمني على مدار 6 أيام متتالية.. أدوا أدوار متعددة.. يقول "عمرو" تنوع الشخصيات وكثرة عدد الممثلين؛ مجهود جبار على الممثلين.. ويقول "رائد طه" المسرحية كانت مختلفة عن غيرها لصعوبتها؛ فقد أخذ كل واحد منا أكثر من دور/ شخصية، وهي بالنسبة لنا من المسرحيات التي أتعبتنا كثيراً وأمتعتنا أيضاً.. وتقول "منى علي" أديت أربعة أدوار مختلفة!.

ديكور ومؤثرات صوتية

لمسة؛ كان الديكور.. لا شيء يشتت انتباهك، ولا شيء يجعلك تنبهر.. أخذت فكرته من العمل الأصلي للمسرحية، فهو ديكور شعبي ويحوي لمحة تجريبية؛ فقطعة واحدة تكفي عن الكثير من القطع؛ وبدلاً من الإتيان بديكور لشارع حقيقي ويحوي عمارات وفرزة باصات وكافتريات كان جميلاً أن عملوا "درج" لتعبر عن فرزة الباصات و"حديدة" تعبر عن سوق السايلة بكريتر" وكافتريا لتعبر ببساطة عن محتويات الشارع.. يقول المخرج: أعجبتني البساطة الديكورية التي حواها مسرح جريبس في برلين.

المؤثرات الصوتية اختفت في مناسبات كثيرة.. لم يتم استغلال المواقف بالشكل السليم إلا في فترات متقطعة للغاية.. هنا نوجه كلمة للمخرج المتألق: يجب الاهتمام بالمؤثرات الصوتية؛ لكونها الأكثر تأثيراً في نفسيات الحاضرين وهي من تجبرهم على ذرف دموعهم؛ غصباً.

أغانٍ استعراضية

يتخلل المسرحية 7 أغان استعراضية، حذفت إحداها في عرض صنعاء لأن الجمهور الصنعاني لا يكاد يصبر على الساعات الطويلة في المسرح – كما جاء على لسان المخرج – الذي يؤكد أن عرض عدن سيستمر 3 ساعات ولن تحذف الأغنية السابعة.

جمهور صنعاني

لم يصل بعد مستوى وعي الجمهور إلى الحد المطلوب، فعدم تقبله أشياء كثيرة في المسرحية وانتقاداته المستمرة للمثليين ورميه لكلمات غير لائقة؛ هي ما تجعلنا نصرخ في أمن المركز الثقافي اليمني الغائب تماماً – باستثناء رائد في الشرطة الراجلة لا يقوى بمفرده على شيء – ونقول لهم: يجب أن تحزموا أمور القاعة جيداً منعاً لتفاهات لا يجب أن تصدر أبداً.. وهذا ما أكدته "منى علي" حينما قالت:  الجمهور كان عند مستوى ما توقعته تماماً!!!.
لقطة من المسرحية - صورة خاصة 

عن المدون عبدالرزاق العزعزي

صحفي من اليمن، مهتم بالقضايا المجتمعية
»
السابق
هذا الموضوع هو الاقدم.
«
التالي
رسالة أحدث

ليست هناك تعليقات :

ترك الرد