في حرض يتم تسجيل حالات إنتهاك عديدة ضد
الإنسان في ظل صمت مدني وحكومي مريب.. أمس الأربعاء عزمْت منظمة الهجرة الدولية
قطع التغذية على المهاجرين الأفارقة "خاصة الصومال" وأمس الأول ألقت
الأجهزة الأمنية القبض على شاب مختل عقلياً ورمته في السجن العام ليواجه الموت
صباح اليوم التالي؛ ومصادر لـ"الشارع" تقول أن احتجازه جاء بعد ضربه
لأحد الأشخاص وتؤكد أن موته كان طبيعي.. وفيما حاولت الأجهزة الأمنية إخراج الميت
اعترض طريقهم المساجين ومنعوهم من ذلك، مصادر "الشارع" من داخل السجن
قالت أن انتفاض المساجين على الأمن جاء كمحاولة لهروبهم من السجن، خاصة أن بعضهم
عليهم قضايا قتل، وهذا ما أدى لتدخل قوات مكافحة الشغب وإلقاء قنابل مسيلة للدموع
على المساجين الذين بدورهم كسّروا أبواب السجن ورموا الأحجار على الجنود..
وقبل أسبوعين كنا على موعد مع هجوم مجموعة
كلاب على شاب اثيوبي ربطُه المهربين على الحدود اليمنية السعودية لسبب نعلمه جيداً
ويتكرر كثيراً وهو محاولة فاشلة من المهربين للإتجار بالبشر..
بدأت الكلاب تنهش ظهر الشاب ثم جمبه ثم
مؤخرته، وندرك أن عدم مقاومته لما تعرض له؛ هو الانهاك الشديد الذي عانى منه قبيل
تعرضه للهجوم، وندرك تماماً أن هذا الانهاك جاء نتيجة عدم حصوله على الطعام
والشراب لأيام طويلة..
المعلومات التي توفرت لدينا قالت أن مدة ربطه
وتعليقه استمرت خمسة عشر يوماً؛ وهذا ما أدى لضعف جسده والتعرض للهجوم؛ سيما أن
الكلاب لا تهاجم الكائن البشري إلا إذا كان غير قادر على صد أي نوع من أنوع
الهجوم..
يرقد الشاب الآن في الهلال الأحمر – حرض،
والأطباء هناك يقولون أن حالته الصحية سيئة للغاية..
أحواش المهربين..
عُثر على الشاب مرمياً على الحدود اليمنية
السعودية بالقرب من أحد أحواش المهربين البالغ عددها في مديرية حرض 20 إلى 25
حوشاً وهي المعروفة والكبيرة.. والغريب أن أحواش التهريب تملك أسماء خاصة بها،
كحوش السنيدار مثلاً الذي سنتحدث عنه لاحقاً..
وفي الأحواش يتم احتجاز المهاجرين الأفارقة
الذين يأتون إلى اليمن بغية الاستقرار بها أو لكونها "دولة عبور" إلى
السعودية.. وهناك شبكة مهربين في دول المنبع "افريقيا والقرن الأفريقي"
دورها هو الترويج بأنها قادرة على تغيير حياة الشباب الاقتصادية ونقلها بشكل نوعي،
ويتم الاتفاق معهم مسبقاً أنهم سيقومون بنقلهم إلى اليمن ومن ثم السعودية مقابل
مبلغ مالي يدفع مسبقاً قبل عملية التهريب..
تتم عملية التهريب عبر البحر فيصلون بهم إلى
سواحل المخا وعدن وشبوة ويتم نقلهم إلى الحدود السعودية سيراً على الأقدام، وفي
حالات كثيرة يتم رميهم على الشواطئ والانصراف.. وفي حالات أخرى يتم تسليمهم
للمهربين في اليمن الذين بدورهم يعملون على احتجازهم بالأحواش الخاصة أو بمناطق
أخرى لم يتم حصرها حتى الآن.. ولا يتم الافراج عنهم إلا بعد تسليم مبالغ مالية
أخرى غير التي تم الاتفاق عليها مسبقاً، وعادة ما يطلب المهربين مبالغ تتراوح بين
2000 إلى 3000 ريالاً سعودياً، وعند عدم تجاوب المهاجرين مع مطالب المهربين يتم
تعذيبهم أقسى أنواع التعذيب وخلال هذا يعملون على التواصل مع أقربائهم ويسمعوهم
صراخه، وإن تم التجاوب يتم نقله للمرحلة الثالثة وإن لم يحصلوا على ما يريدون
فمصيرهم لا يختلف عن مصير الأثيوبي سالف الذكر الذي تم ربطه ووضعه فريسة للكلاب..
أفارقة آخرون يقولون لـ"الشارع" أن
المرحلة الثالثة من عملية التهريب تتم حين تسليم المبالغ المالية لمهربي اليمن،
حيث يتم نقلهم لمهربين آخرين في السعودية عبر دولة العبور "اليمن" ويكون
استلامه هناك من ذات الشبكة.. ويقولون أنهم يلاقون نفس المعاناة التي تعرضوا لها
في اليمن، ناهيك عن أنهم إذا حصلوا على عمل فلا يتعدى راتبهم 150 ريال سعودي
بالشهر وذلك بسبب أنهم غير معروفين ودخلوا بطريقة غير شرعية..
في الأحواش يتعرض المهاجرين لأنواع التعذيب
والجرائم ضد الإنسانية، ناهيك عن عدد من قضايا التحرش الجنسي للإناث وسط تهاون من
السلطة المحلية والأجهزة الأمنية في المديرية..
حملات أمنية..
تهاون الأجهزة الأمنية في مديرية حرض يثير
الشكوك حولهم، ولكنهم يقولون لـ"الشارع" أنهم حتى وإن تدخلوا فلا يتم
النظر في القضايا برمتها لثلاثة أسباب: الأول أن اليمن موقعة على اتفاق حقوق
اللاجئين وبمجرد أن يدوس أي مهاجر أرضها ويعلن أنه يطلب اللجوء فلا يحق لأي سلطة
محاكمته.. والثاني أن منظمة الهجرة الدولية وجدت من أجل حل هذه القضايا وتستلم
مبالغ مالية هائلة، أما الثالث فهو عدم تعامل النيابة بجدية مع القضايا المشابهة
التي يتم تحويلها إليهم.. وبهذه المبررات نشعر أنهم – نوعا ما – على حق، سيما إذا
علمنا أنه قبل أسبوع تقريباً انطلقت حملة أمنية كبيرة من الأمن المركزي والأمن
العام تم خلالها ضبط عدد من المهربين وتقديمهم لنيابة حرض الابتدائية، ولكن سرعان
ما تم الإفراج عنهم..
وقبل شهر ألقت الأجهزة الأمنية في حرض القبض
على مجموعة مهربين "من ضمنهم مهربة أثيوبية" تقوم باستقطاب الاثيوبيات
إلى اليمن وتسليمهن للمهربين اليمنيين، واتضح أنها على علاقة غير شرعية مع أحد
المهربين اليمنيين الذي كان يدّعي أنها زوجته، وتم تحويل ملفها إلى النيابة ومازالت
القضية هناك.. كانت المهربة تفتح أفلام خليعة للأثيوبيات في أحواش المهربين لجرهن
نحو ممارسة الجنس مع المهربين.. وتم تسجيل حالة اغتصاب لفتاة اثيوبية عذراء تم
نقلها لمسشتفى "أطباء بلا حدود" لاثبات حالتها..
وفي حوش السنيدار سابق الذكر يعرض مقطع فيديو
"تحتفظ الصحيفة به" قيام الأجهزة الأمنية - قبل حوالي شهر - بضبط تسعة
عشر فتاة وستة شباب من مهاجري اثيوبيا، وقامت بتسليمهم لمنظمة الهجرة الدولية التي
سنأتي على ذكرها لاحقاً..
يعرض الفيديو نزول المهاجرين من إحدى
السيارات "دينّة" لإدارة أمن مديرية حرض، بعد أن تم الامساك بها وهي
محملة بعدد من السلات الفارغة ويختبئ تحتها المهاجرين، فتم الامساك بها بنفس
الوضعية التي عثروا عليها واحتجازها بإدارة الأمن لفترة ليست بالطويلة ومن ثم لم ندري
عن مصيرها.
دور المنظمات الثمل..
في قضايا المهاجرين – الأثيوبيين إنموذجاً –
نجد أن هناك تلاعب بهم من ثلاث جهات مختلفة: الأول من قِبل السفارة الأثيوبية التي
ترفض تقديم أي خدمات لهم.. الثاني من قِبل السلطة المحلية والتنفيذية المتمثلة في
الأجهزة الأمنية التي ترفض التدخل في قضاياهم بسبب وجود منظمة الهجرة الدولية التي
وجدت لمثل هذه القضايا، ويقولون أنهم إذا تدخلوا في هذه القضايا فسيعملون على
تقديمهم للنيابة التي بدورها يتعارض هذا العمل مع القانون بسبب توقيع إتفاقية حقوق
اللاجئين..
أما التلاعب الثالث فيظهر من منظمة الهجرة
الدولية التي لا تقدم أي واجب لهم ولا تملك أي نظام حماية ولا محاميين تابعين لها
يعملون على متابعة القضايا الواقعة ضد المهاجرين..
منظمة الهجرة فقط تحاول تهويل قضايا الانتهاك
الواقعة ضد المهاجرين بغية الحصول على منح مالية جديدة تمكنها من الاستمرار في
وجودها ورفع تقارير تهويلية عن الأوضاع المزرية للمهاجرين وصرفها نفقات تشغيلية..
ووجودها في اليمن مُبهم للغاية لكنها تقول أنها تعمل على مساعدة اليمن في الإعادة
الطوعية للمهاجرين لبلداهم..
في 2011 وصل حوالي 45 ألف مهاجراً فقط إلى
حرض، ولم تقم المنظمة بإعادتهم كما تقول.. فقط استطاعت أن تُعيد ما يقدر بخمسة ألف
مهاجر خلال عام كامل.. فهل تُحقق بذلك نجاحاً لمنظمة دولية كبيرة بحجم منظمة
الهجرة الدولية..
بالمقابل تنشغل المفوضية السامية لشئون
اللاجئين في العمل مع نازحي حرب صعدة مع أن عملها الأساسي هو تقديم الدعم والحماية
ومساعدة اللاجئين، وهذا هو هدف وجودها في اليمن..
لكننا نعلم تماماً أن المفوضية السامية تؤجل
العمل مع اللاجئين بسبب أن قضاياهم مضمونة وبالامكان العمل معهم بأي وقت ولكن
قضايا النازحين ستحل خلال الفترة القادمة؛ وبذلك تكون حصلت على تمويل متعدد وضمنت
بقائها لفترة أطول..
ليست هناك تعليقات :