Blogger templates

20 يناير 2016

(العمل على توسيع مشاركة الشباب في الحياة العامة، وتمكينهم اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة) ومثل هذا البند؛ كثير من البنود التي تضعها مؤسسات المجتمع المدني في اليمن ككل، ولكن أغلبها لا تعمل على تحقيق أهدافها أو تنفيذ أنشطتها إلا بحالات نادرة..

أغلبنا يرتبط بصلات مباشرة مع أكثر من مؤسسة شبابية، وفي كل دورة أو ورشة أو ندوة لا نرى توسيع لمشاركة الشباب؛ فالمشاركة الشبابية تكاد تكون محصورة لوجوه مألوفة لدى الكل، وهي التي تستفيد من أغلب أنشطة المنظمات الشبابية، ربما يمكننا إلقاء اللوم على الشباب أنفسهم؛ كونهم لا يعملوا على تأهيل أنفسهم أو ربما لا يدرون كيف يؤهلون أنفسهم لعدم معرفتهم بوجود مؤسسات مجتمع مدني تعمل لصالحهم وتتلقى على ذلك دعماً خيالياً من منظمات خارجية.
جلسنا مع بعض الشباب وسألناهم حول عدم إقحام أنفسهم في العمل المدني لتنمية مهاراتهم وصقل مواهبهم، فكانت ردودهم تقتضي بعدم معرفتهم معنى المجتمع المدني أو حتى وجود منظمات شبابية تعمل في اليمن.. ومن هنا أتى سؤال ملح ينبغي علينا سؤاله للمجتمع المدني: لمن توجهون برامجكم، وعلى أي أساس قمتم بوضع أهدافكم وأنشطتكم؟
ربما لن نلق إجابة عن هذا السؤال سوى بكلام يشعرك بأن مؤسسات المجتمع المدني حققت غاياتها في إنشائها وعملت على تأهيل الشباب وأقحمتهم في المشاركة السياسية وصنع القرار، وما إلى ذلك من كلام مكتوب على أوراق في لائحتهم الداخلية ولكن دون تطبيق له، وإن وجد تطبيق فعلي فإنه يكون لمجموعة محددة هم الأكثر استفادة دون غيرهم..
وهذا ما لاحظناه من خلال إجابات الشباب عن مدى ارتباطهم أو حتى معرفتهم بمعنى "منظمة" فقد قال مقباس فؤاد الشميري: سمعت عن المنظمات الشبابية بشكل مختصر وأتمنى أن أعرف عنها الكثير لأشارك معهم بكل ما استطعت من إمكانيات وأفكار، ولكن للأسف -كما أعرف- هم لا يتركون الفرصة للمشاركة للغريب، وأنا لا أملك معارف ليكونوا واسطة لي في دخولي المنظمات والمشاركة معهم.
احتكار واستغلال مؤسسي..
يظن الشميري -كما يظن غيره من الشباب- أن المنظمات تحتكر أعمالها لمجموعة من الشباب فقط، ربما يكون ظنه صحيحاً؛ فكم كثيراً تدعونا المنظمات للعمل التطوعي الذي يحسب لها عند الداعمين، ونخرج منه بلا فائدة غير مشاركة تدمجنا بشباب آخرون، وهذا ما يسميه البعض بالاستغلال المؤسسي..
ويؤكد الكثير أن بعض المنظمات عند حاجتها لك تجدها تملئ بريدك الإلكتروني وجهاز هاتفك برسائل الدعوة، وحين وجود ورشة تدريبية أو غيرها يستفيد منها المتطوع في زيادة معارفه لا تجد منها سوى بلاغ صحفي في قائمتهم البريدية يخبرك بأنه تم كذا وكذا، وهذا التهميش هو شيء من الاحتكار المؤسسي لأنشطة المجتمع المدني كما يطلق عليه الكثير.
انجازات على ورق..
كثيرون هم الشباب الذين يجزمون بأن انجازات مؤسسات المجتمع المدني ليست سوى سطور على ورق، ويقولون أيضاً أن أكثر المنظمات أنشأت من أجل مؤسسيها وليس من أجل الصالح العام الذي يتشدقون به في مؤتمرات تدشين أنشطتهم، فما أنجز حتى الآن من أعمالهم هو زيادة رصيدهم في البنوك وكثرة سفرياتهم إلى الخارج، بالإضافة إلى تأهيل كادر متميز من الموظفين يجيدون لغة التصريحات التي تعجب المانحين كثيراً، لاسيما وهم يقدمون دعماً أكثر للمنظمات كلما زادت التصريحات الإعلامية في الصحف الورقية أو الإلكترونية..
عمار الصعدي
هذا ما يؤكده "عمار الصعدي" الذي يقول بأنه قليلاً ما يرى المجتمع يتطرق لموضوع يهم الشباب ويناقش مشاكلهم بالشكل الصحيح؛ ليضع الحلول الممكنة لتلك المشاكل، بل أنه يعمل على عقد الحوارات واللقاءات وتخرج بعدد من التوصيات التي تكتب على ورق ثم تضع بملف التوثيق للبحث عن داعم الذي بدوره يعمل على إخبار المجتمع المدني بأنه لهذا العام سيعمل على الدعم التي تهتم وفق أجندته الخاصة، فيتم تغيير وتهميش توصياتهم لوقت آخر ويعملوا على مشاريع تهم الداعم، متناسين أدوارهم الحقيقة وفاقدين هويتهم التي أنشئوا من أجلها.!
منظمات لا تنظم..
أغلب الشباب الذين سألتهم عن المنظمات وهل يعرفوا عنها شيء كانت ردودهم -بالنسبة لي- غريبة جداً.. كنت أظن أن المنظمات هي التي تنظم وتعمل على إشراك الشباب في كل شيء -رغم ملاحظتي أن الوجوه في كل المنظمات هي التي أراها باستمرار دون تغير- وهذا يذكرني بجملة قالها مدير أحد المشاريع عندما كان يريد مشاركين في مشروعه التأهيلي، فقد قال ""أشتي أكبر عدد ممكن من الشباب يحضروا المشروع.. انتبه.. لازم القاعة تكون مليان عشان الداعمين"!.

طلال يوسف
حتى وقت قريب وأنا أظن أن جملته هذه ليست سوى مزحة، ولكني تأكدت حالياً أنها حقيقة مرة.. مرة للغاية.. نتيقن أن الهم الوحيد لإنشاء المنظمات يكمن في المصالح الخاصة، وللتأكيد حول هذا يقول الشاب "طلال يوسف": لم أسمع عن المنظمات أي معلومة.. بينما الشاب أحمد حميد الأحمدي يقول: لم أسمع أي شيء عن المنظمات الشبابية.
مؤكد أن عشوائية تنفيذ البرامج هي السبب في أن أغلب الشباب لا يعرفون شيئاً عن المنظمات، أيضاً المجتمع المدني حتى الآن غير قادر على العمل مع المجتمع المحلي بشكل مباشر لعدة أسباب..
ويشترك الشباب في السبب من حيث أنهم لا يعملون على تأهيل أنفسهم والبحث عن مداخل تنمية مهاراتهم من خلال البرامج التي تتيحها بعض المنظمات المحترمة.
وعود لا تنفذ..
اتهامات من الشباب تطلق صوب المنظمات بأنهم يعدوهم كثيراً ببناء معارفهم وإقحامهم في شتى المجالات المعرفية، ولكن حتى الآن لم يروا أي تنفيذ لتلك الوعود، وهذا ما يؤكده "رضوان علي الحيمي" الذي قال أنه يعرف عن المنظمات خارج اليمن أنها تعمل على تنمية الشباب معرفياً، وأيضاً صقل مواهبهم وملئ أوقاتهم بالأعمال بدلاً من قتل الوقت..
رضوان الحيمي
ويضيف أنهم يعلمون على استثمار طاقاتهم وإظهارها في الجوانب الإيجابية التي تخدم الشباب أنفسهم وتخدم المنظمات أيضاً، ولكنه يقول أن ارتباطه بالمنظمات الشبابية اليمنية ليس قوياً للغاية لأنهم حتى الآن يعدوهم بعدد من الدورات التدريبية وورش العمل بحسب تخصصاتهم، وإلى الآن لم يحصلوا على أي دورة أو ورشة.. ويجزم أن وعودهم ليست سوى كلمات تنطق من أفواههم كل يوم لتصيب الشباب فتزيدهم ركوداً وتعقيداً.
أمل رغم التقصير..
ربما يكون هذا الكلام من واقع تجربة عاشها أحد الشباب مع إحدى المنظمات الشبابية، وبالتأكيد لا يقصد أن كل المنظمات تطلق وعود كاذبة، ولا يمكننا -حقيقة- اتهام كل المنظمات بالتقصير؛ كونها الوحيدة التي تعمل على حراك شبابي نوعي "ولو بشكل متقطع" ففي ظل تقصير الأحزاب السياسية بتنمية الشباب معرفياً برزت أعمال المنظمات لتهتم بالشباب، وهذا رغم كل ما سبق قد يشفع لها ولو قليلاً، ولكن ينبغي عليها مراجعة حساباتها جيداً لتلتف حولها المجاميع الشبابية بشكل أكثر.
ونحن بهذه المادة نريد فقط أن نخبر المجتمع المدني أن الشباب من ذوي الخبرة المحدودة في الحياة يريدون حقاً الانضمام إليهم وتأهيل أنفسهم، ولكن لأن المجتمع المدني يخشى حتى الآن العمل مع المجتمع المحلي بشكل مباشر فإنه يتهم بأن ما أسس على باطل فهو باطل..
..
× المادة نشرت في صحيفة إيلاف اليمنية في 2008

عن المدون عبدالرزاق العزعزي

صحفي من اليمن، مهتم بالقضايا المجتمعية
»
السابق
رسالة أقدم
«
التالي
رسالة أحدث

ليست هناك تعليقات :

ترك الرد