Blogger templates

20 يوليو 2016

مع اشتداد الحرب في اليمن، تلاشت الأعمال الفنّية ذات الطابع الإيجابي، لتحلّ محلّها الزوامل والزوامل المضادّة. هكذا اضمحلّ الفنّ في اليمن كرسالة مجتمعية، تعمل على معالجة الواقع بشكل إيجابي، مهما اختلفت هذه الرسالة مع ما يحمله الفنّان من أفكار ومعتقدات. وعلى الرغم من تلك الصورة القاتمة، ما يزال ثمّة متّسع لقليل من إبداع.

تحدّيات فنّية:
أدّت الحرب في اليمن إلى غياب الكثير من الأعمال التي اعتاد هذه البلد الإحتفاء بها. ولعلّ أهمّها الإحتفال بالأسبوع العالمي للمسرح، الذي كانت اليمن تحتفل به بمسرحيّات متعدّدة على مدى أيّام. كما غابت إحدى أكبر المهرجانات اليمنية الموسمية، التي يتمّ تنظيمها كلّ عيد في حديقة السبعين بصنعاء، إلا أن عيد الفطر الفائت شهد عودة هذا المهرجان، بعد توقّفه ثلاثة مواسم متتالية، بسبب الوضع الأمني. وأُقيم المهرجان بعد حصول المنظّمين على موافقة من أمانة العاصمة، والإدارة العامّة للحدائق في صنعاء.
أعيادنا غير"، الذي تنظّمه فرقة النوادر الفنية، يعمل على حشد أكبر عدد ممكن من الفنّانين المؤثّرين في المجتمع اليمني. وخلال احتشادهم واحتفالهم بمناسبة العيد، يقومون باستثمار وجودهم في التحدّث مع الناس بشكل مباشر، ليناقشوا عدداً من القضايا المجتمعية المتعلّقة بضرورة السلام، والحفاظ على تماسك المجتمع.

زراعة أفكار:
يقول الفناّن نادر المذحجي، رئيس الفرقة، "إن المهرجان يُعدّ حاضنة جيّدة لفئات المجتمع المختلفة، ونراها فرصة مناسبة لعملية زراعة الأفكار الإيجابية، التي يتمّ تقديمها عبر شخصيّات مشهورة في المجتمع، ويتّخذ منها البعض قدوة لهم، ويعملون على تقمُّص شخصيّاتهم وأفكارهم".
وأشار إلى "نجتمع في المهرجان لنناقش وضعنا الحالي، ونضع الحلول اللازمة بعد المشاورات مع اللجنة الإستشارية للفرقة، التي تقوم بوضع القضايا التي ستتمّ مناقشتها، والإتّفاق مع الفنّانين على تنفيذ أغان خاصّة واسكتشات تخدم القضية، ثمّ تعمل اللجنة على التنسيق مع الممثّلين والإعلاميّين الذين من المقرّر حضورهم، وتبلغهم عن القضية التي ستتمّ مناقشتها معهم على خشبة المسرح، حيث تكون العملية تفاعلية مع الجمهور".
وتعدّ التفاعلية في المناقشة من الطرق الناجحة لحصد مؤيّدين، إذ إنّها تستبدل التوجيه والتعبئة بتبادل الآراء، الذي يتطوّر في ما بعد إلى مناقشات خارج إطارها المحدود، لتصبح قضية تهمّ الكثيرين.
وأكد المذحجي أن المهرجان "حظي باهتمام وتشجيع قيادة أمانة العاصمة ممثلة بأمين جمعان نائب أمين العاصمة أمين عام المجلس المحلي وكذا الإدارة العامة للحدائق والمنتزهات، وبرعاية شركة سبأفون للهاتف النقال وضمران سوبر ماركت وشركة طاهر وثابت المحدودة وكلاء فوستر كلاركس والعديد من الشركات الأخرى، وقمنا بتوزيع جوائز مقدمة من جهات متعددة أهمها شركة ارتكس التجارية وشركة صنعاء للمرطبات والصناعة المحدودة " كوكا كولا " ومول Sbc ومؤسسة المخلافي للتجارة والتبريد".


احتفالات رغم الحرب:
على الرغم من ظروف الحرب، اكتظّت ساحة "أعيادنا غير" بالوافدين إلى فسحة نسيان للوضع المأساوي، وهو ما أثار اندهاش الفنّان يحيى ابراهيم، الذي قال "هذا المشهد يصنع فرحة في القلب لرؤية الناس، وهم يحتفلون رغم الظروف والحرب"، متمنّياً أن "يتلافى المجتمع القتال والنزاعات والتشتّت" وأن "يحلّ السلام في اليمن".
ويرى الفنّان علي الكوكباني، نائب رئيس نقابة الفنّانين اليمنيّين، بدوره، أن "مختلف الأعمال الفنّية يجب أن تخدم الوضع المجتمعي، لأنّها مرتبطة بشكل مباشر برسالة الفّنان تجاه المجتمع"، لافتاً إلى أن "دور الفنّانين هو تقديم صورة مناسبة للمجتمع، على أمل أن يتحقّق السلام في اليمن".
ومن أجل الترفيه عن المجتمع، يطالب الفنان نبيل حزام بـ"ضرورة إقامة مهرجانات فنّية مختلفة على مدار العام، وعدم اقتصارها على المواسم"، مشيراً إلى أن "هناك حاجة شديدة لتنظيم مثل هذه المهرجانات، للخروج من الوضع النفسي الذي خلّفته الحرب"، ومناشداً القائمين على القنوات المختلفة "تحويل المهرجان إلى برنامج تلفزيوني أسبوعي" و"ألّا يقتصر على مواسم العيد".

وسائل توعوية:
مدير عام مكتب الشؤون الإجتماعية والعمل في أمانة العاصمة، مجيب الفاتش، أثنى على المهرجان الذي تعدّى جانب الترفيه. وحول ذلك، قال الفنّان بشير العزيزي، إن "المهرجان استمرّ ستّة أيّام، وفي كلّ يوم تمّ تخصيص قضية لمناقشتها من كلّ الجوانب، وتخصيص الوقت الأكبر لها، بالإضافة لفقرات المهرجان المسلّية".
وأضاف أنّه "لا يتمّ منح الفائزين في السحوبات الجوائز المعتمدة لهم من الشركات التجارية، إلّا بعد تقديم سؤال متعلّق بقضية اليوم، ومنحه خيارات، ومناقشتها مع الجمهور، وبهذه الحالة يتمكّنون من إيصال أيّ فكرة لأكبر قدر ممكن من الجمهور".
ويشير الفنّان عماد الجعدي، إلى أن "تنظيم المهرجان تزامن مع الذكرى العاشرة لتأسيس الفرقة"، ويتابع أن "أهمّ القضايا التي تمّت مناقشتها هي القضية الرئيسة في اليمن، وهي السلام ومناشدة الجميع بأن يعمل من أجل السلام والتعايش المجتمعي. وإلى جانبها تمّت مناقشة الحفاظ على اللحمة المجتمعية والتعاون المجتمعي، والوحدة الوطنية والوحدة الإنسانية، وتعزيز الأخلاق المجتمعية ونبذ التعصّب، وحبّ الحياة، إلى جانب فكرة: الواحد من أجل الجميع والجميع من أجل الواحد".
وأكّدت فرقة النوادر، في مهرجانها، أنّها ترفض لغة العنف، تلك اللغة التي تنادي بالتمزّق، أو تلك اللغة التي تنادي بالعنف من أجل السلام، كما شدّدت على أن العنف لا يُولّد سوى العنف، والتمزّق لا يُولّد سوى التشتّت والدمار، وأن السلام يُولّد التنمية والاستقرار، والأمن والبناء، وازدهار الاقتصاد وتطوّر الوطن.

عن المدون عبدالرزاق العزعزي

صحفي من اليمن، مهتم بالقضايا المجتمعية
»
السابق
رسالة أقدم
«
التالي
رسالة أحدث

ليست هناك تعليقات :

ترك الرد