عبدالرزاق العزعزي:
لم نستفق بعد ممّا تعرّض له الكاتب الصحفي أحمد شوقي أحمد على يد رجال من أمن تعز، حتى نُفاجئ بانتهاك جديد كان أبطاله أفراد من جيش تعز. كان الضحايا هذه المرّة صلاح الجندي و ذي يزن السوائي وعمر الحميري ونسيم العديني.
وفيما كان أحمد يُتابع قضية اعتداء تعرّض له اثنين من إخوته غير الأشقاء، إذا فوجي بابتزاز مدير قسم شرطة الجديري الذي رفض تنفيذ القانون أو تحويل الموقوفين في القسم إلى النيابة إلّا بعد أن يتم تسليم مبلغ مائة ألف ريال "200$ تقريبًا" كأجرة العساكر.
في 5 مارس الجاري، شكا أحمد على مدير القسم في مكتب الوكيل عبدالكريم الصبري، لكن الأخير قام بمقابلته هناك وحاول اعتقاله بحجة تسليمه إلى النيابة بدون أي مسوّغ قانوني، ثم قام بالاعتداء عليه جسديّا من خلال دفعه إلى الخلف أمام الحاضرين.
في 8 مارس، تعرّض مراسل صحيفة الأيام في تعز صلاح الجندي للاعتداء الجسدي والاعتقال من قبل أفراد يتبعون قيادة محور تعز. كان بمعيته المحامي تحت التمرين والمدير التنفيذي لمؤسسة مسار ذي يزن السوائي.
قام رجال الجيش بأخذ تلفونيهما والعبث بما تحوي ونهب الذاكرة الخاصة بكاميرا الجندي وبطاقته الشخصية، ثم اقتيادهما بالقوة إلى أحد المحتجزات غير القانونية وتم تقييد حريتهما لساعات بتهمة "تصوير في الشارع لدراجة نارية تحترق!" قبل تدخّل البعض والافراج عنهما دون تسليمها ذاكرة الكاميرا والبطاقة الشخصية الخاصة بصلاح.
أيضًا تعرّض المحامي عمر الحميري والناشطة نسيم العديني لمحاولة قتل من نفس أفراد الجيش بعد إطلاق نار حي باتجاه الحميري والعديني من سلاح أحد الجنود بالإضافة إلى اعتداء طال الحميري وسلب تلفونه واشهار السلاح على العديني.
كانوا يتواجدون في شارع محمد علي عثمان كمجموعتين منفصلتين، ويُظهر فيديو، منشور في صفحة المُدافع عن حقوق الإنسان أكرم الشوافي، قيام طقم حكومي يحوي مسلحين بالعبث بأغراض تابعة لآخرين، وفيما تواترت الروايات إلّا أن ما حدث هو تبادل اطلاق الرصاص الحي في شارع مكتظ بالمارة والسيارات الأجرة، أودت هذه المواجهة إلى إصابة مواطن وخسائر في الممتلكات الخاصة بالمواطنين.
تخيلوا هذا الافراط في اللا مُبالاة واللا خوف من أي حساب رسمي أو رادع قانوني أو رقابة مجتمعية.
تخيلوا أن المحسوبين على الأمن وتطبيق القانون، هم أنفسهم من يقومون بانتهاكه وفرض الجبايات على المواطنين تحت حُجج واهية ومبررات فارغة المحتوى القانوني.
تخيلوا أن الجيش ذاته تحوّل إلى مليشيا يقوم بترويع المواطنين دون أن يملك مهام رسمية، تخيلوا أن أفراد الجيش يقومون بتهديد الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان وقضاياه، واقتيادهم إلى معتقلات غير قانونية على مرأى ومسمع من المجتمع والرأي العام المحلي والدولي، دون أي خوف من أي حساب.
حماية الوطن وأمنه وسلامته هي ثقافة والتزام أخلاقي، قبل أن تكون مهمة وطنية أو تكليف رسمي، ومن يفتقد لهذه الثقافة وللأخلاق، يجب على الجميع أن يقوم برفضه.
الدفاع عن المتخاذلين، هو الدفع باتجاه استمرار الفوضى، والتغطية على أفعالهم هو الحفاظ على الإدارة السيئة، وهذا يعني بالضبط وضع المزيد من الوقود لاستمرار المعارك والحرب الأهلية بين اليمنيين.
الأشخاص وانتماءاتهم ليست المشكلة، لكن أفعالهم وإدارتهم السيئة هي المشكلة الحقيقية، واستمرار هؤلاء لا يعني شيء، فقط هو تغذية الصراع ورفده بأناس ينتمون فعليًا للفوضى وليس للدولة.
الواجب الفعلي ليس مطالبة حكومة المنفى بضبط رجالها، فهذا سيكون عبطًا كبيرًا، لكن ما يجب أن يحدث هو تكاتف المجتمع نحو مصلحة واحدة، وايقاف العابثين بأمنهم ووطنهم ومحاكمتهم على أفعالهم تحت مظلة الدستور والقوانين النافذة في البلاد.
هؤلاء الذين يواجهون الانقلاب بالفوضى، يجب أن يتوقفوا، فالانقلاب يتم مواجهته بوعي مجتمعي وتكاتف الجميع ورفض التعامل مع أي جهة غير شرعية وغير مُمثّلة للشعب وتطلّعات أبناءه.
الشعب هو مصدر السُلطة، وهو كذلك مصدر الفوضى، وعليه أن يختار: "إما سلطة تحترمه، أو فوضى تقضي عليه".
..
تم كتابة المقال موقع البُعد الرابع
ليست هناك تعليقات :