في الأردن، كلّما أخبرت أحدهم أنّك من اليمن يردّ عليك: "أنا أصولي
من اليمن". الكثير منهم يردّد هذه العبارة، لاسيّما أردنيو الأصل. وفي
مطار الملكة، لم يكن اليمني يخضع للتفتيش أسوة بغيره، بل كان يُسمح له
بالمرور مباشرةً، ومن دون أن يعترضه أحد.
لكن مؤخّرًا، ظهرت حملة يقودها
يمنيّون ضدّ المعاملة "غير الجيّدة"، التي يتعرّض لها أبناء بلدهم في مطار
الملكة علياء في العاصمة الأردنية عمّان. يشكو هؤلاء من عدم السماح لهم
بالدخول إلی الصالات المخصّصة للإنتظار، وإبقائهم في الممرّات الأولی
للمطار تحت رقابة الأمن، الذي لا يسمح لهم حتّی بالدخول لشراء وجبات أو
مشروبات، وهي معاملة عنصرية يتعرّض لها اليمنيون فقط، بحسب أقوالهم.
هذه المعاملة لا مُبرّر لها سوی قيام مجموعة سابقة من اليمنيين بإحداث فوضی، ما أدّی إلى تشديد التعامل مع اليمنيين جميعاً.
أمنيًّا،
تُمسك الإستخبارات الأردنية بمطار الملكة علياء. الإستخبارات أنظمتها
قوية، تَعامُل أبنائها لا يختلف عن تعامُل الأردنيين مع اليمنيين، الذين
يعتبرونهم "منهم وفيهم". يشيد الكثيرون بتعامل رجال الإستخبارات، وذلك بحسب
شهادات لعدد من الأردنيين واليمنيين، الذين تمّ استدعاؤهم، سابقاً، لزيارة
مقرّ الإستخبارات بسبب شكوی أو لغرض أمني.
حين
تتواجد دولة قوّية، فإن القوانين هي التي تحكم وليس القَبْيَلة، ومسألة
تعرّض اليمنيين للإنتهاك هي مسألة أمنية لدولة الأردن، التي استطاعت تحمّل
عبء لاجئي فلسطين وسوريا، دون أن تختلّ أو تنهار، مع أنها دولة بلا موارد،
باستثناء السياحة العلاجية، وانفتاحها علی العالم، والتحصيلات الضريبية، ومستحقّات المخالفات أيضًا.
اليمنيون في العادة متعصّبون لكرامتهم،
جيّد، لكن غير الجيد هو أن طبيعتهم القَبَلية تغلب علی الطبيعة المدنية،
لديهم رفض للقوانين التي قد تعرقل تحرّكهم أو تقيّد حركتهم الخاصّة. ولأن
بلدهم لم تمنحهم الكرامة ولا الحرية في العيش اضطّروا لمغادرتها بحثاً عن
كرامتهم وحريّتهم، ومع أوّل تصادم بدولة القانون، يشعرون بالحنين لدولة
اللاقانون: اليمن.
يعتقد اليمنيون أن كلّ البلدان كبلدهم؛ تمكّنهم من
فعل أيّ شيء، وفي أيّ وقت، باستخدام بالفلوس، متناسين أن القوانين الداخلية
لأيّ بلد هي التي تحكم، وليست الفلوس أو القَبْيَلة أو النفوذ، علی الأقلّ
بشكل عام.
في بلداننا العربية، نفتقر إلى قوانين تخدم الإنسان، وتُوقف
انتهاكات حقوق الإنسان بأيّ شكل من الأشكال، أمّا في بلدنا اليمن، فنحن
نفتقر إلى ثقافة دولة القانون، والمواطنة المتساوية، والعيش الكريم، والبلد
الآمن، ونُخب سياسية محترمة، ورئيس جمهورية حقيقي.
ليست هناك تعليقات :