عبدالرزاق العزعزي:
سبعة عشر عامًا، فقط، هي المدّة التي عاشها الشاب عمر محمد باطويل، والتي انتهت بخطفه واغتياله ورمي جثته على الأرض، بتهمة "الردّة".
تحوّلت قضية اغتيال باطويل إلى قضية رأي عام، حرفت اهتمام جمهور الواقع الإفتراضي في اليمن، عن المفاوضات الجارية حاليًا في الكويت، بين الأطراف المتصارعة منذ أكثر من عام.
عند الرابعة والنصف من عصر أمس، أعلنت شابة تدعى صافية عبدالله فارس (16 عامًا)، على حسابها الخاص، أنها، وبموافقة ولي أمرها، قرّرت عقد قرانها على المغدور به باطويل، وحدّدت المهر بأنه أحد المنشورات التي قام باطويل بنشرها: "يتهمونني بأنّني ملحد! يا هؤلاء، أنا أرى الله في الزهور وأنتم ترونه في القبور"، وذيّلت صافية منشورها بجملة "أرملة قتيل الردة".
هاشتاج خاصّ بالقضية (#عمر_قضية_إنسان) يتم التفاعل عبره بشكل مستمرّ، صورة عمر برزت في العديد من حسابات الناشطين، وأصبحت منشوراته متداولة بشكل ملفت، بعض من تلك المنشورات تمّ وضعه إلى جانب الصورة وتصميمها بشكل فنّي خاصّ، وتناقله بين حسابات الناشطين على شبكات التواصل الإجتماعي.
إسم باطويل أصبح بديلًا عن أسماء حسابات عديدة، بعدما اقترح أحدهم أن يقوم الجميع بتغيير اسم حسابه إلى الإسم ذاته، الذي كان يتحدّث من خلاله باطويل (Omar Mohammed)، كي لا يتوقّف صوته، استجاب البعض للفكرة والبعض الآخر قام بإنشاء صفحات خاصّة، لتتعدى قضية اغتيال الشاب اهتمام ناشطي اليمن، وتُحدث ردود فعل على المستوى العربي.
سقط عمر قتيلًا برصاصة غادرة، ليصنع بركان ثورة فكرية ضدّ الجهل، الذي يعمل على رهن الدين؛ ثورةٌ تطالب بدولة علمانية يحكمها القانون، وليس دولة الأفراد والمجموعات المسلّحة التي تعبث بالدين، وتبقى طليقة دون أيّ تتبّع أو معاقبة.
لغته الهادئة في منشوراته حشدت الناس للتعاطف معه، أسلوبه السلس والناعم في التفكير بصوت عالٍ كان له أثر كبير. إنتهت حياة عمر لتبدأ قصة حياة جديدة، ثمّة بركان من غضبٍ جديدٍ ضدّ الأصولية، قد يعمل على إراقة عديد من الدماء الرافضة لما حدث والناقمة بشكلٍ ملحوظ، وثمّة رسائل تهديد جديدة تصل إلى حسابات بعض الناقمين، أو يتمّ وضعها في التعليقات على المنشورات وتتوعّد بقتل المزيد.
سيكون مُخزيًا أن نطالب بفعل شيء رسمي تجاه القتلة، أو اتّخاذ دور مسؤول مشرّف، لكننا سنطالب المجتمع اليمني بأن يتقبّل بعضه بعضاً، أن يعيش مع اختلافات أفكار أبنائه، أن يؤمن بأن تنوعّنا الفكري والثقافي ليس سيّئًا، بل يصنع منا ألوانًا مختلفة على لوحة واحدة، وسندعو إلى أن يتمّ وضع حدّ لصراع الأفكار، وعدم تحويلها إلى تهديد لأمن وحماية الإنسان.
..
منشور في موقع العربي الخميس 28-04-2016
![]() |
الفقيد عمر باطويل - صورة من صفحته على الفيس بوك |
تحوّلت قضية اغتيال باطويل إلى قضية رأي عام، حرفت اهتمام جمهور الواقع الإفتراضي في اليمن، عن المفاوضات الجارية حاليًا في الكويت، بين الأطراف المتصارعة منذ أكثر من عام.
عند الرابعة والنصف من عصر أمس، أعلنت شابة تدعى صافية عبدالله فارس (16 عامًا)، على حسابها الخاص، أنها، وبموافقة ولي أمرها، قرّرت عقد قرانها على المغدور به باطويل، وحدّدت المهر بأنه أحد المنشورات التي قام باطويل بنشرها: "يتهمونني بأنّني ملحد! يا هؤلاء، أنا أرى الله في الزهور وأنتم ترونه في القبور"، وذيّلت صافية منشورها بجملة "أرملة قتيل الردة".
هاشتاج خاصّ بالقضية (#عمر_قضية_إنسان) يتم التفاعل عبره بشكل مستمرّ، صورة عمر برزت في العديد من حسابات الناشطين، وأصبحت منشوراته متداولة بشكل ملفت، بعض من تلك المنشورات تمّ وضعه إلى جانب الصورة وتصميمها بشكل فنّي خاصّ، وتناقله بين حسابات الناشطين على شبكات التواصل الإجتماعي.
إسم باطويل أصبح بديلًا عن أسماء حسابات عديدة، بعدما اقترح أحدهم أن يقوم الجميع بتغيير اسم حسابه إلى الإسم ذاته، الذي كان يتحدّث من خلاله باطويل (Omar Mohammed)، كي لا يتوقّف صوته، استجاب البعض للفكرة والبعض الآخر قام بإنشاء صفحات خاصّة، لتتعدى قضية اغتيال الشاب اهتمام ناشطي اليمن، وتُحدث ردود فعل على المستوى العربي.
سقط عمر قتيلًا برصاصة غادرة، ليصنع بركان ثورة فكرية ضدّ الجهل، الذي يعمل على رهن الدين؛ ثورةٌ تطالب بدولة علمانية يحكمها القانون، وليس دولة الأفراد والمجموعات المسلّحة التي تعبث بالدين، وتبقى طليقة دون أيّ تتبّع أو معاقبة.
لغته الهادئة في منشوراته حشدت الناس للتعاطف معه، أسلوبه السلس والناعم في التفكير بصوت عالٍ كان له أثر كبير. إنتهت حياة عمر لتبدأ قصة حياة جديدة، ثمّة بركان من غضبٍ جديدٍ ضدّ الأصولية، قد يعمل على إراقة عديد من الدماء الرافضة لما حدث والناقمة بشكلٍ ملحوظ، وثمّة رسائل تهديد جديدة تصل إلى حسابات بعض الناقمين، أو يتمّ وضعها في التعليقات على المنشورات وتتوعّد بقتل المزيد.
سيكون مُخزيًا أن نطالب بفعل شيء رسمي تجاه القتلة، أو اتّخاذ دور مسؤول مشرّف، لكننا سنطالب المجتمع اليمني بأن يتقبّل بعضه بعضاً، أن يعيش مع اختلافات أفكار أبنائه، أن يؤمن بأن تنوعّنا الفكري والثقافي ليس سيّئًا، بل يصنع منا ألوانًا مختلفة على لوحة واحدة، وسندعو إلى أن يتمّ وضع حدّ لصراع الأفكار، وعدم تحويلها إلى تهديد لأمن وحماية الإنسان.
..
منشور في موقع العربي الخميس 28-04-2016
ليست هناك تعليقات :